فصل: حصار البصرة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ابتداء أمر بني شاهين بالبطيحة.

كان عمران بن شاهين من أهل الجامدة وحصلت عنده جبايات فهرب إلى البطيحة خوفا من الحكام وأقام بين القصب والآجام يقتات بصيد السمك والطير وكشف سابلة البطيحة واجتمع عليه جماعة من الصيادين واللصوص ثم اشتد خوفه فاستأمن إلى أبي القاسم بن البريدي صاحب البصرة نقله جماعة الجامدة ونواحي البطائح وجمع السلاح واتخذ مقاتل على تلال البطيحة وغلب على نواحيها وسرح معز الدولة وزيره أبا جعفر الصهيري سنة ثمان وثلاثين فقاتله وهرب واستأمن أهله وعياله ثم جاء الخبر إلى معز الدولة بموت أخيه عماد الدولة بفارس واضطراب أحواله بها فكتب إلى الصهيري بالفرار إلى شيرزاد لإصلاح الأمور فسار إليها وعاد عمران بن شاهين إلى البطيحة واجتمع إليه أصحابه وقوي أمره وبعث معز الدولة إلى قتاله روزبهان من أعيان عسكره فأطال حصاره في مضايق البطيحة ثم ناجزه الحرب فهزمه عمران وهرب عسكره وصار أصحابه يطلبون البذرقة والخفارة من جند السلطان في السابلة وانقطع طريق البصرة إلا على الظهر وكان الصهيري قد هلك وولى مكانه المهلبي فكتب معز الدولة إلى المهلبي وهو بالبصرة فصعد إلى واسط وأمده بالقواد والسلاح وأطلق يده في الإنفاق فزحف إلى البطيحة وضيق على عمران فانتهى إلى مضايق خفية وأشار عليه روزبهان بمعالجة القوم وكتب إلى معز الدولة يشكو المطاولة من المهلبي فكتب إليه معز الدولة بالاستبطاء فبادر إلى المناجزة وتوغل في تلك المضايق فانهزم وقتل من أصحابه وأسر ونجا هو سباحة في الماء وأسر عمران أكابر القواد حتى صالحه معز الدولة وقلده البطائح وأطلق له أهله على أن يطلق القواد الذين في أسره فأطلقهم.

.موت الصهيري ووزارة المهلبي:

كان أبو جعفر محمد بن أحمد الصهيري وزيرا لمعز الدولة وكان قد سار لقتال عمران واستخلف مكانه أبا محمد الحسن بن محمد المهلبي فعرفت كفايته وإصلاحه وأمانته وتوفي أبو جعفر الصهيري محاصرا لعمران فولى معز الدولة مكانه أبا محمد المهلبي فأحسن السيرة وأزال المظالم وخصوصا عن البصرة فكان فيها شعب كثيرة من المظالم من أيام أبي البريدي وتنقل في البلاد لكشف المظالم وتخليص الحقوق فحسن أثره ونقم عليه معز الدولة بعض الأمور فنكبه سنة إحدى وأربعين وحبسه في داره ولم يعزله.

.حصار البصرة.

قد تقدم لنا أن القرامطة أنكروا على معز الدولة مسيره إلى البصرة على بلادهم وذكرنا ما دار بينهم في ذلك ولما علم يوسف بن وجيه استيحاشهم بعث إليهم يطمعهم في النصرة واستمدهم فأمدوه وسار في البحر سنة إحدى وأربعين وبلغ الخبر إلى الوزير المهلبي وقد قدم من شأن الأهواز فسار إلى البصرة وسبق إليها ابن وجيه وقاتله فهزمه وظفر بمراكبه.

.استيلاء معز الدولة على الموصل وعوده.

قد تقدم لنا صلح معز الدولة مع ناصر الدولة على ألفي ألف درهم كل سنة فلما كانت سنة سبع وأربعين أخرج حمل المال فسار معز الدولة إلى الموصل في جمادى ومعه وزيره المهلبي فاستولى على الموصل ولحق ناصر الدولة بنصيبين ومعه كتابه وجميع أصحابه وحاشيته ومن يعرف وجوه المنافع وأنزلهم في قلعة كواشي وغيرها وأمر الأعراب بقطع الميرة عن الموصل فضاقت الأبواب على عسكر معز الدولة فسار عن الموصل إلى نصيبين واستخلف عليها سبكتكين الحاجب الكبير وبلغه في طريقه أن أولاد ناصر الدولة بسنجار في عسكر فبعث عسكرا فكبسوهم واشتغلوا بالنهب فعاد إليهم أولاد ناصر الدولة وهم غازون فاستلحموهم وسار ناصر الدولة عن نصيبين إلى ميافارقين ورجع أصحابه إلى معز الدولة مستأمنين فسار هو إلى أخيه سيف الدولة بحلب فتلقاه وأكرمه وتراسلوه في الصلح على ألفي ألف درهم وتسعمائة ألف درهم وإطلاق من أسر بسنجار وأن يكون ذلك في ضمان سيف الدولة فتم بينهما وعاد معز الدولة إلى العراق في محرم سنة ثمان وأربعين.

.بناء معز الدولة ببغداد.

أصاب معزل الدولة سنة خمسين مرض أشفي منه حتى وصى واستوخم بغداد فارتحل إلى كلواذا ليسير إلى الأهواز وأسف أصحابه لمفارقة بغداد فأشاروا عليه أن يبني لسكناه في أعاليها فبنى دارا أنفق عليها ألف ألف دينار وصادر فيها جماعة من الناس.